الأربعاء، 14 أكتوبر 2009

قبل ليلة طيز السنة ب4 أيام

قضيت ليلة 1-1-2009 , ليس مثل أحد , ليلة فريدة من نوعها , لم تكن حفلة راقصة على نبع والألعاب النارية تتطاير لتعطي منظراً جميلاً , لم تكن في قاعة إحتفالات يشربون الخمر ويحتفلون بسنة جديدة تضاف إليهم تقربهم من الموت ! ...

ليلتي كانت غير , في اليوم الثاني للحرب بدأ صاروخ إغتيال عمي العزيز , في حقله البيتي , فقد نزل صاروخ بجانبه أصابه بإصابات متوسطة , يومها لم يكن يوماً عادياً , كنت نائم ولم أسمع سقوط الصاروخ على بيت عمي رغم قربه وصوته الذي حرك الأرض , ولكني لم أستيقظ , فقد تعودت أذني ليلة كاملة على قصف كل دقيقة , فلم أنام طول الليل في أول ليلة قصف على غزة , ونمت في الصباح , أوقظتني أمي بصوت خائف تبكي " قوم شوف شو بصير , نايم يا وردية علينا يا رب استر " نهضت من نومي صامتاً , ذهبت إلى الشباك لأرى كل من في الحي ينتفظ ويصرخ , فقدت قدماي القدرة على المشي , عندما رأيت عمتي تصرخ , فتيقنت أن صديقي وهيب قد استشهد بصاروخ ما , فهو مقاوم متهور لا يخشى الموت , ذهبت أحاول المشي , وجدت أخي يقول أن عمي قد أصيب , صرخت أمي ببكاء حارق , قلت لها وزعلانة ؟ ! , لم أعلم كيف قلتها بكل هذا البرود رغم تأزم الموقف , ربما من الصدمة أو من توقعاتي بإستشهاد رفيقي , ذهبت بسرعة لأرى ما حدث , لم أنطق ولا بكلمة , وكل شخص حاول أن يكلمني تجاهلته , ليس لأني أريد تجاهله بل لأني نسيت لغة الكلمات ! , ذهبت أرى الحفرة التي تركها صاروخ الإستطلاع وبعض الدماء , كانت بنت عمي التي لا تبلغ من العمر ال7 سنين مصابة , وآتى بها شخصاً غبياً إلى عيادة والدي رغم إصابتها في قدمها وظهرها , وإبن إبن عمي مصاب الذي لم يتجاوز ال3 سنين مصاب في بطنه , وجدت وليد وهو صديقي وإبن عمي " عمي الذي أصيب" , رأيته مرتبكاً ملطخ ببعض التراب وبعض الدماء من والده ! , سألته ما الذي حدث , قال لي " كنت أنا وأبوية وأمي وأختي فادية وفادي إبن أخوية بنشتغل في الأرض الي جنب الدار , أنا رحت أجيب حاجة من الدار بطلع عن الدرج لقيت الصاروخ نازل على أبوية وأمي ولولاد , صرت أصرخ , ياباااااا , ياااابااااا , أمى أمى , لقيت أمي بخير وأبوية واقف وحامل فادي وهو يكبر , وأنا بطلت قادر أمشي من الخوف ومش شايف من عجة الصاروخ حملت أختي ورحت على أقرب سيارة وركب أبوية في السيارة وبعدها اجا الإسعاف اخد أختي وفادي , وخلصنا " تأفأف كأنه يرغب بالبكاء , صمتت ولم أقل شيئاً , أخذته إلى بيتي علنا نهدء من فضولية الناس , فكانوا ينهالوا عليه بالأسئلة الغبية ! , ذهبنا إلى البيت , ثم ذهبنا إلى المستشفى لنتفقدهم رغم خطورة الطريق التي كانت لا تخلوا من القصف ولكن ذهبنا , أطمأنت قلوبنا عليهم بأنهم في أمان وصحتهم جيدة بالنسبة لسقوط صاروخ في وسطهم , ولكن الحظ أنه في الرمل لا يفعل الكثير فالرمل يمتص الإصابة , وبدأنا بالتناوب شخصاً تلو الأخر لعدم ترك عمي وترك الزوار الذين يخاطرون على حياتهم من أجل الإطمئان على عمي المشهور بسياسيته وعلاقاته الإجتماعية الفذة وبعقله الرزين وبفقده إبنه شهيداً قبل أعوام مضت ... , فالكل تعاطف معه ... , وأصبحنا نسكن في المستشفى لنراقب غزة من الطابق الخامس لمستشفى العودة ونرى الدخان في كل مكان وأصوات القصف بجوار المستشفى , وأذكر عندما تكسر الزجاج في المشفى من قوة الإنفجار ....


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق