الأحد، 6 مايو 2012

كيف ليّ أنا السجين أن أحكي عن الأسير الحرّ؟


كيف ليّ أنا السجين بين جدران غزة أن أوصف حرّ في الزنزانة؟
تراوّدني الشكوك في طبيعة وإرادة السجين الفلسطيني وكيف يدّق جدران السجون بأمعائه الخاوية، ونحنُ مازلنا نحاول أن نعبئ خزان الماء المثقوب!. الأسطورة اتخذت مكانتها هناك في السجون، فجعلت من السجن شجرة فلسطينية تُزهر الحرّية، وتشرب الدم لتحيا فلسطين ثمّ الحرية. كيف ليّ أنا السجين أن أحكي عن الأسير الحرّ؟ أن تكون أسيراً يعني أن توّشم اسم فلسطين على قلبك، تنقشه إن أردت كالآيات القرآنية في المسجد الأقصى، تنطفئ الحروف كالشمعة عندما تضاء شمس الحرية في السجون، فتصبح عاجزاً أن توّصف البطولة بكلماتٍ تُكتب على الورق، يقول محمود درويش " أن تكون فلسطينياً يعني أن تصاب بأمل لا شفاء منه"، ولكن يا درويش لم تعش إلى الآن لترى قمّة اليأس والإحباط في شوارع فلسطين، لمّ ترى الناس وهيّ تجري وراء رائحة  البنزين وكأنه قد أصبح مقدساً، من يعبأه كأنه لامس وجه الله!، ولكنك كنتَ ستكتب " أن تكون أسيراً يعني أن تصاب أمل هناك شفاء منه وهو الحرّية"، هناك في السجون نجد الأسرى يجسدون ملاحم البطولة، تجدّ روح الانتفاضة. الأسرى أعادوّا الروح في القضية الفلسطينية بعد أن قرّعوا الزنازين بأجسادهم، فخرج الشباب الفلسطيني إلى عوفر وعادت روح الانتفاضة، عادت روّح الحجارة، وعاد الوطن جميلاً يغطيّه الأدخنة السوداء في إشعال الإطارات، وأصبح الأبطال يرمّون العدّو بأجسادهم إن غاب الحجر، مَن قال أن الحجر هو جماد قد كفر، إنه كائن حيّ يملك قلباً رقيقاً وشرساً مختومُ عليه أنا رمزّ الانتفاضة، أمسكوني واضربوا بيّ العدّو لأكون حجراً شريفاً لا يخوّن وطنه، كل الجمادات في فلسطين تتحرك وتغضب إنّ لم تضرب معنا حتى تحرير فلسطين. إذا الحجر تحرّك لماذا لم يتحرك الباقين؟ ألف سؤال وسؤال يجعلنا نريد أن نذهب إلى الموت مبتسمين لأننا نمّلك أملاً لا شفاء منه أبداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق