ها هي قضية الأسرى تتصدر الساحة الفلسطينية بأوسع أبوابها ومن السجن نفسه، ها هم الأبطال يجسدون قضية فلسطين من أوسع أبوابها بأكبر إضراب عن الطعام سيخوضه الأسير الفلسطيني فاضحاً سياسة العدو الصهيوني في ضربه لحقوق الإنسان، وممارسته اللإنسانية ضد الأسرى، ورافضاً للذل والإنصياغ لأوامر السجان وجلّده بأمعائهم الخاوية. إن ما يحدث في السجون الآن يثبت أن المقاومة الفلسطينية تثبت أن المقاومة بلا حدود، وتحت عنوان واحد هو التحرير، فها هي معركة الأمعاء الخاوية تثبت أنها سلاح ناجح في إرغام المحتل على الإنصياغ للأسير الفلسطيني، كما فعل خضر عدنان وكما فعلت هناء شلبي، وعلى درب الصبر والتحمل والموت لتحقيق العدالة الإنسانية في السجون نحو التحرير من سجن العدو ثم تحرير الوطن. إن أكثر من 1600 أسير يضربون عن الطعام، والعدد مرشح للزيادة بشكل كبير، رافضين كل أساليب العدو الصهيوني التعسفية من العزل الانفرادي والتعذيب ومصادرة الممتلكات الشخصية ومصادرة أعمالٍ قد كلفتهم أعواماً داخل السجن الصهيوني، رافضين السجن الإداري، ويقولون اليوم إما النصر وإما الموت، هكذا هو الفلسطيني الحقيقي الذي لا يساوم فإما أن يعود منتصراً أو يموت بطلاً.
إن بعض الفصائل الفلسطينية تحاول أن تصعد على الساحة الفلسطينية من بوابة هذا الإضراب، إن فصائل المواسم التي تصعد على المنصات بكامل أناقتها، وتلقي كلمات ركيكة، لن تخدعنا، يجب أن نقول لها أنتِ لا تمثلينا، إن ما يمثلنا هم الأسرى في السجون، وقيادة الإضراب في السجون، وعلى هذا يجب أن نقف في طريقهم التخريبية، لأنهم أول من يساوم، وأول من يخضع، فهم كالمرض تماماً، لا تتضح معالمه في البداية، ولكنه يطغى على الجسم فيهلكه، ولهذا يجب أن نبعدهم عن الساحة تماماً بكل الأساليب الممكنة.
كم كنتُ سعيداً وأنا أقرأ البيانات التي يصدرها القائد أحمد سعدات من السجن، فنرى كم هائل من الوطنية والصمود والتحدي لهذا السجان، إن أكثر ما يطالب به سعدات هو الوحدة الفلسطينية، ويقول أن الوحدة الفلسطينية ستعطي الأسرى معنوية عالية للخوض في هذا الإضراب ومهما كانت التكلفة، فماذا تنتظر فتح وحماس؟ ماذا يوجد أهم من هذا الحدث لإنهاء موضوع الانقسام من جذوره، والتخلي عن المصلحة الشخصية ، والإقتداء من أسرانا البواسل، في وحدة البوصلة ووحدة الهدف، يجب أن تحدث الوحدة حالاً على أسس وطنية ثابتة داعمة للأسرى وهذا سيزعج المحتل الصهيوني أكثر وأكثر، واضعاً عليه كل الضغوطات لفك معاناة الأسرى، أستغرب عندما يتحدث قائد من حماس ويقول اخطفوا الجنود لاستبدالها بالأسرى، وهل هذا شيء يجب أن يقال؟، هذا شيء معروف وبديهي ويجب أن تسارع حركة حماس أيضاً في ذلك، وإذا كانت تهّمها مصلحة الأسرى فلتترك المقاومون يضربون الصواريخ، ويعلنوها مقاومة حتى النصر أو الموت، ولتضع يدها للمصالحة، بدلاً من كلام التلفاز المنمق.
إن السلطة التي تتخذ المفاوضات ولقاء ناتنياهو أولوية على الأسرى هي سلطة غير شرعية، ويجب أن نتظاهر أمام المقاطعة في رام الله كما تظاهرنا أمام سجن عوفر، فالسلطة لا تريد الإضراب عن الطعام!، وتريد أن نساوم ونفاوض حتى تسليم فلسطين كاملةً!، يجب أن نلقي الحجارة على المقاطعة، حتى تترك الأسرى في شأنهم، فالقرار لقيادة الإضراب في السجون، وهم خارج هذا الإضراب، والآن نريد أن نرى لماذا رياض منصور لا يذهب بشكل رسمي إلى الأمم المتحدة لرفع ملف الأسرى؟ أم أنهم يخشون غضب ناتنياهو عليهم؟
يجب أن نتكاثف ونتحد الآن لإيصال قضية الأسرى إلى الحالة القصوى، فيجب أن نجتهد على الصعيد الداخلي بالوحدة، وإقامة الاعتصامات والمظاهرات، وأن تندلع الانتفاضة من جديد، وأن نعيد إشعال الإطارات، وتعود ثقافة الحجر إلى الشارع الفلسطيني. وعلى الصعيد الدولي، يجب أن نعمل حملات تضامن كبيرة مع الأجانب، على أبواب السفارات الإسرائيلية والأمم المتحدة، وطرد السفراء الإسرائيليين من الدول العربية، وإشعال ملف الأسرى فهو قضية فلسطين الأولى، فلنشعل الأرض تحت أقدام الاحتلال في كل بقاع الأرض، مَن لم يؤمن بقضيته كما يجب، لا يستحق الحياة.
وفي النهاية أريد أن أأؤكد على ضرورة تفاعل الشباب الفلسطيني مع قضية الأسرى بشكل كامل، وأن لا يبتعدوا عن القضية أبداً، وإن الالتفات إلى قضايا ثانوية هي بمثابة خيبة للشباب الفلسطيني، فيداً بيد إلى تحرير الأسرى وتحرير فلسطين من العدو الفلسطيني، تحية إجلال وإكبار لأسرانا البواسل، وتحت شعار إما النصر أو الموت.